تهتم دول البريكس بإنشاء عملة جديدة للتنافس مع الدولار الأمريكي، ولكن ما هو التقدم الذي أحرزوه حتى الآن، وماذا سيحدث للعملة الأمريكية إذا نجحوا؟.
تتطلع دول البريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا إلى إنشاء عملة احتياطية جديدة مدعومة بسلة من عملاتها، والعملة المحتملة رغم أنها لا تزال حاليًا قيد المراجعة والتطوير إلا إنها ستسمح لهذه الدول بتأكيد استقلالها الاقتصادي، وستظل تتنافس مع النظام المالى الدولى الحالى، حيث يهيمن الدولار الأمريكى على تداول العملات من خلال الوسطاء أونلاين وهذا النظام الحالي يمثل نحو 90% من إجمالي تداول العملات وما يقرب من 100% من تداول النفط.
إذا قامت دول البريكس بإنشاء عملة احتياطية جديدة، فمن المتوقع أن يكون له أثر كبير علي الدولار الأمريكى، والذي سيؤدي إلي تراجع الطلب عليه، وهذا بدوره سيكون له آثار على الاقتصاد الأمريكى والعالمى، دعونا نلقي نظرة على عملة البريكس الناشئة وآثارها المحتملة على المستثمرين.
لماذا تريد دول البريكس إنشاء عملة جديدة؟
لدى دول البريكس عدد كبير من الأسباب لإنشاء عملة جديدة، حيث دفعت التحديات المالية الأخيرة في العالم والسياسات الخارجية الأمريكية العدوانية دول البريكس إلى استكشاف تأسيس عملة جديدة، إنهم يريدون خدمة مصالحهم الاقتصادية على نحو أفضل وفي الوقت نفسه الحد من الاعتماد العالمي على الدولار الأميركي واليورو.
ما هو التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن؟
خلال القمة الرابعة عشرة لبريكس التي عقدت فى منتصف العام الماضي، قال الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” أن دول البريكس تخطط لإصدار “عملة احتياطية عالمية جديدة”، وأضاف أن بلاده على استعداد للعمل بشكل منفتح مع جميع الشركاء العادلين.
وفي الآونة الأخيرة، عبر الرئيس البرازيلى “لويز إيناسيو لولا دا سيلفا” عن دعمه الكامل لإنشاء عملة البريكس، قائلا: “لماذا لا تستطيع مؤسسة مثل بنك البريكس أن يكون لديه عملة لتمويل التبادلات التجارية بين الصين والبرازيل أو بين جميع دول البريكس الأخرى، وأضاف متسائلًا “من قرر أن يكون الدولار هو عملة التجارة الرئيسية بعد انتهاء معيار الذهب؟”.
وكانت ردود الفعل من الدول غير الأعضاء في مجموعة البريكس مختلطة، كما فكرت بعض الدول مثل السعودية ومصر وتركيا للانضمام إلى مجموعة البريكس، ومؤخرًا قامت بالفعل تلك الدول بالانضمام لها، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تقوم بشراء النفط الروسي بمستويات قياسية، وفي يوليو الماضي قال سفير جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس “أنيل سوكلال” إن ما يصل إلى 40 دولة أعربت عن اهتمامها بعملة البريكس.
ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن عملة البريكس هى فكرة خاطئة، نظرًا لأنها ستعمل على توحيد الدول ذات المستويات الاقتصادية المختلفة للغاية، وهناك أيضًا مخاوف من اعتماد متزايد من الأعضاء غير الصينيين علي اليوان الصينى.
ما هي مزايا عملة البريكس؟
ومن الممكن أن تعود العملة الجديدة بفوائد عديدة على دول البريكس والتي تشمل: المعاملات الأكثر كفاءة عبر الحدود وزيادة الشمول المالي، ومن خلال الاستفادة من تكنولوجيا البلوكشين والعملات الرقمية والعقود الذكية يمكن للعملة أن تحدث ثورة في النظام المالي العالمي، وبفضل المدفوعات السلسة عبر الحدود يمكن أيضًا تعزيز التكامل التجاري والاقتصادي بين دول البريكس وخارجها.
ومن شأن عملة البريكس الجديدة أن:
- تعمل على تعزيز التكامل الاقتصادى بين دول البريكس.
- تعمل على تقليص النفوذ الأمريكي علي الساحة العالمية.
- ستعمل على تقليص مكانة الدولار الأمريكى كأكبر عملة احتياطية في العالم.
- تشجيع الدول الأخري علي تشكيل قوي وتحالفات جديدة لتطوير العملات الاقليمية.
- تقليل المخاطر التي ترتبط بالتقلبات العالمية وتقليص الاعتماد علي الدولار.
ما هو تأثير عملة البريكس على الدولار الأمريكى؟
لعقود من الزمن، تمتع الدولار الأمريكي بهيمنة لا مثيل لها بسبب أنه العملة الإحتياطية الرائدة فى العالم، وفي الوقت الحالي، يُستخدم الدولار فى أكثر من 75% من اجمالي التجارة الدولية، وقرابة 90% من عمليات تداول العملات ونحو 100% من تداول النفط وما يقل قليلاً عن 60% من إجمالي احتياطي العملات الأجنبية التى تحتفظ بها البنوك المركزية في العالم، ونظرًا لمكانة الدولار فإنه العملة الأكثر استخدامًا في عمليات التحويل كما يتم استخدامه كمعيار فى سوق الفوركس.
على الرغم من انخفاض حصة الدولار في العملة الاحتياطية مع تقدم اليورو واليوان واكتسابهم شعبية، إلا إن الدولار الأمريكي لا يزال هو المسيطرة والعملة الإحتياطية الأكثر استخدامًا، ويليه اليورو والين والجنيه الاسترلينى واليوان.
حتي الآن يبقي التأثير المتوقع لعملة البريكس الجديدة علي الدولار الأمريكى غير مؤكد، ويناقش خبراء السوق مدي قدرتها علي تحدى هيمنة الدولار، ومع ذلك، إذا استقرت عملة البريكس الجديدة مقابل الدولار، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف قوة العقوبات الأمريكية، مما يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الدولار، ويمكن أن يسبب أيضًا أزمة اقتصادية تؤثر على الأسر الأمريكية.
وبصرف النظر عن ذلك، فإن هذه العملة الجديدة يمكن أن تسرع الاتجاه نحو الاستغناء عن الدولار، تبحث الدول في جميع أنحاء العالم عن بدائل للدولار الأمريكي، هناك دول مثل الصين وروسيا تتاجران بعملاتهما الخاصة ودول مثل الهند وكينيا وماليزيا تدعو إلى التخلص من الدولار أو توقيع اتفاقيات مع دول أخرى للتجارة بالعملات المحلية أو معايير بديلة.
وعلى الرغم من عدم وضوح تأثير عملة البريكس الجديدة على الدولار إلا أن فكرة التخلص من الاعتماد عليه ستظل قائمة وستصبح هدف الكثير من دول العالم، وقد يتعرض الدولار لمنافسة شرسة من العملات الناشئة، وسوف يؤدى ذلك إلي تغيير ميزان القوي فى الأسواق العالمية.
كيف ستؤثر عملة البريكس على الاقتصاد؟
إن التحول المحتمل نحو عملة جديدة لمجموعة البريكس يمكن أن يكون له آثار كبيرة على اقتصاد أمريكا الشمالية والمستثمرين العاملين داخلها، ومن بين القطاعات والصناعات الأكثر تضرراً ما يلي:
- النفط والغاز
- الخدمات المصرفية والمالية
- السلع
- التجارة العالمية
- التكنولوجيا
- السياحة والسفر
- سوق الصرف الأجنبي
ومن شأن عملة البريكس الجديدة أن تقدم أيضًا أزواج تداول جديدة، وتغير ارتباطات العملة وتؤثر على تقلبات السوق، مما يتطلب من المستثمرين تكييف استراتيجياتهم وفقًا لذلك.