حقق سوق العملات الرقمية نجاحًا باهرًا خلال السنوات الأخيرة بسبب ما يمتاز به هذا المجال من أداء إيجابي للأسعار إلا أن الاستثمار في العملات الرقمية ينطوي على الكثير من المخاطر خصوصًا مع تقلبات الأسعار وعدم وجود قوانين منظمة من شأنها أن تحمي صغار المستثمرين من التعرض للاحتيال؛ لذلك يجب التعرف على مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية وأهم النصائح اللازمة للاستثمار الناجح في العملات الرقمية.
العملات الرقمية
تتعدد المصطلحات التي تُطلق على العملات الرقمية، فهي تُسمى بالعملات الإلكترونية، والنقود الرقمية، وهي نوع من العملات التي تُتاح رقميًا فقط بخلاف العملات المعدنية والأوراق النقدية، ولكنها مع ذلك يمكن استخدامها في نفس الخصائص والأغراض حيث يُتاح الاستفادة بها في إتمام عمليات البيع والشراء ونقل الملكية بلا حدود.
تتوافر العملات الرقمية برصيد مالي مُحدّد يتم تسجيله على بطاقات تحمل قيمة مُخزّنة إلكترونيًا وذلك عبر تقنية سلاسل الكتل (Blockchain)، ويتم حماية تلك العملات بواسطة تقنية التعمية (cryptography)، وهناك العديد من الشبكات اللامركزية التي تُدير العملات الرقمية، ولا تخضع لأي دعم من الحكومات أو البنوك المركزية.
مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية
بلغت عملة البيتكوين، التي تُعد أشهر العملات الرقمية، أعلى قيمة لها في مارس 2021، حيث زادت قيمتها عن 60 ألف دولار، بينما كانت قيمتها قبل أشهر قليلة من ذلك لا تتجاوز 30 ألف دولار، بما يُشير أن الاستثمار في العملات الرقمية قد يكون نقطة انطلاق نحو الثراء الفاحش كما أنه قد يكون نقمة وطريقًا لخسائر فادحة.
أوضحت مجلة “الأعمال والاقتصاد – Muy Negocios Y Economia” إحدى أشهر المجلات الاقتصادية الإسبانية أن زيادة ضخ الأموال في مجال العملات الرقمية يشتمل على مخاطر على الجانب القانوني إذ يجب أن يكون المستثمرون ورواد الأعمال على دراية بالسياسات التنظيمية التي تتجدد باستمرار، كما يتعين عليهم الأخذ بالسوابق القضائية السارية في هذا المجال.
وتتمثل أبرز مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية فيما يأتي:
- مخاطر الأمن السيبراني
على المستثمر أن يمتلك مهارات رقمية عالية وذلك لحمايته من التعرض للاختراق من البرامج الضارة خصوصًا مع انتشار سرقة البيانات، إذ يمكن أن يستهدف أحد المخترقين الهاتف أو الحاسوب، ومن ثم يصل إلى القدرة على التصرف في ثروتك من العملات الرقمية.
لا تنحصر مخاطر الأمن السيبراني على الحسابات الشخصية للمستخدمين فقط، بل إن نظام سلاسل الكتل (Blockchain) يمكن أن يتعرض للاختراق أيضًا؛ ولذلك تضطرب قيمة العملات الرقمية مع حدوث أي عملية اختراق للنظام، وهناك شواهد لخسارة بعض المستثمرين ثرواتهم في حوادث اختراق سابقة.
تجدر الإشارة إلى أن تخزين العملات الرقمية يكون في إحدى المحافَظ الإلكترونية التي يتحكم فيها المالك عبر مفاتيح خاصة، وفي حال تلف ذلك المفتاح أو ضياعه، فلن يتمكن المالك عندها من الوصول إلى ثروته من العملات الرقمية.
- الافتقاد للثقة
تمثل العملات الرقمية طفرة جديدة في عالم المال والأعمال، ولكن الاستثمار في هذا المجال لا يزال مفتقدًا إلى الثقة خصوصًا مع محدودية الاعتماد على العملات الرقمية في البيع بالتجزئة.
ورغم ظهور العديد من منصات التداول على الإنترنت، إلا أن عمليات المضاربة بالعملات الرقمية في الأنشطة التجارية تستهدف صغار المستثمرين الذين يبحثون عن ربح قصير المدى، بينما لم يدخل كبار المستثمرين في مضاربات من شأنها أن تحقق أرباحًا طويلة المدى.
من الجدير بالذكر أن العملات الرقمية قائمة على اللامركزية؛ لذلك لا تتلقى دعمًا من البنوك المركزية ولا الحكومات أو حتى المنظمات الدولية، وإنما يُحدّد السوق قيمتها الفعلية، وقد ساهم ذلك في بعض التضييق عليها من بعض الحكومات وعدم الاعتراف بشرعيتها؛ لذلك فإن التذبذب السريع الذي يمكن أن يضرب هذا المجال قد ينتج عنه انهيار الأنشطة التجارية وتراجع قيمة العملات الرقمية.
- مخاطر المعاملات
لا يمكن غض البصر عن مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية التي تتعلق بالمعاملات والتداول؛ وذلك لأن عملية الاستثمار تتم من خلال المنصات الإلكترونية أو عبر موفري الخدمات الخارجيين دون توفير أي ضمانات أو تقديم أي تعويضات.
يجب العلم أنه عند حدوث أي مشاكل محتملة بين المستثمرين حول الصفقات، فإن منصات التداول ليست مسئولة عن حل تلك المشاكل، بل يقتصر دورها على تسهيل الاتصال بين المستثمرين.
- افتقاد الضمانات القانونية
تختلف آراء المشرعين حول الوضع القانوني للتداول في العملات الرقمية؛ الأمر الذي يُفسّر خوف الجهات القضائية من استغلال المنظمات الإرهابية والإجرامية للعملات الرقمية في تمويل جرائمهم؛ لذلك لا توفّر الدول ضمانات قانونية للمستثمرين تصونهم من النصب والاحتيال.
- فرض بعض الدول الضرائب على العملات الرقمية
مع الأرباح الكبيرة للعملات الرقمية مؤخرًا، بدأت بعض الدول في فرض ضرائب تتراوح ما بين 5 إلى 15% على أرباح التداول رغم أن تلك العملات لا تصدر من الحكومات كما لا تكفل لها الحكومة رقابة على الأسواق.
اقرأ أيضا: 4 طرق لتعدين العملات الرقمية
نصائح الاستثمار في العملات الرقمية
توجد بعض الإرشادات التي ينبغي الاهتمام بها عند الاستثمار في العملات الرقمية، ومن أهمها:
- التداول بمبلغ صغير في البداية: يجب مراعاة التقلبات التي يشهدها سوق العملات الرقمية صعودًا وهبوطًا، وذلك ببدء عملية الاستثمار بعد التأكد من وجود أموال تكفي للتداول لمدة تتراوح من ستة أشهر وحتى سنة على الأقل، مع ضخ مبلغ بسيط خلال تلك الفترة، وعدم المجازفة بالاستثمار في مبالغ كبيرة؛ لحين تحصيل الخبرة اللازمة.
- اختيار نوع العملة الرقمية: تتعدد العملات الرقمية؛ لذلك يجب تحديد نوع العملة بعناية، كما يُفضل أن تكون من العملات التي تنمو ببطء، وعدم تداول أكثر من خمسة عملات في نفس الوقت، ومن الأفضل البدء بعملة البيتكوين؛ لكونها أكثر عملة موثوقة.
- التعامل مع منصة موثوقة: توجد الكثير من المنصات الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها في عملية بيع وشراء العملات الرقمية، ويفضل اختيار المنصات التي تُوفّر دروس تعليمية وأدوات تحليلية.
- الحصول على محافظة مناسبة: هناك اختلاف بين المنصة وبين المحفظة من الناحية الفنية، فدور المحفظة هو إرسال العملات أو استلامها من شركة لأخرى وذلك باستخدام مفاتيح تشفير تُمكّن المستثمر من الوصول للعملة الرقمية.
اقرأ أيضا: أفضل منصات تداول العملات الرقمية في الدول العربية
أنواع العملات الرقمية
تكثر أنواع العملات الرقمية التي يمكن تداولها إلكترونيا، ومن أشهر هذه العملات:
- البيتكوين “Bitcoin BTC“: اعترفت معظم دول العالم بهذه العملة حيث أصبحت شائعة بين الشركات، وتُستخدم بكثرة في الأسواق، ومن مميزات بيتكوين أنها تُخفي كافة البيانات الخاصة بالمُرسلين والمُستلمين للعملات، ولكنها لا تخضع للتنظيم من البنوك المركزية ولا الوكالات المالية، وبالتالي تتفاوت أسعارها تبعًا لطبيعة العرض والطلب بين المساهمين فيها.
- الإيثريوم “ether“: يرجع تاريخ تقديم هذه العملة إلى عام 2013، ومن ثم بدأ يتم تداولها بعدها بعامين فقط، وهناك أكثر من 500 شركة تدعمها، وبالتالي لا يمكن التحكم فيها من أي نظام فردي، وهي أكثر مناسبة للاستثمارات التكنولوجية، وهي عبارة عن شبكة مفتوحة المصدر؛ لذلك ترتفع قيمتها باستمرار.
- التيثر “Tether USDT“: ظهرت هذه العملة عام 2014، وتقوم آلية عملها على تحويل الدولار واليورو إلى عملة رقمية عبر بروتوكول “Omni Layer“، ولا توجد أي معلومات واضحة عن آلية ارتفاع أو انخفاض قيمتها.
اقرأ أيضا: سامسونج تخطط لإطلاق منصة لتبادل البيتكوين والعملات المشفرة في عام 2023